يؤدي المؤثرون دورًا كبيرًا بشكل مؤثر لا سيما داخل المجتمع الرقمي المتفاعل، حيث سمح لهم فضاء الإنترنت بالتعبير عن آرائهم جنبًا إلى جنب وسائط الإعلام التقليدية والمدونين الذين يثرون مجتمعات المعرفة. يتميَّز المؤثر بأنَّ لديه من قدرات التفاعل مع الجمهور والتأثير والإقناع، علاوة على قاعدة جماهيرية قد تنتشر بشكل كبير.
وفي مجال التسويق يتبلور دور المؤثرين من خلال القدرة على إنشاء محتوى الوسائط الاجتماعية، يرتبط بشكل أساس بالتسويق لرسائل متباينة الأهمية بشكل مؤثِّر – سلبًا أو إيجابًا – في المجتمعات وفي القيم الأصيلة لديها، ما يضع هذه الفئة في مكانة متقدِّمة على طريق التسويق والترويج.
من هم المؤثرون؟
المؤثرون (Influencers) هم أشخاص يتمتعون بقدرة كبيرة على التأثير في آراء وسلوك جمهور واسع من المتابعين عبر الإنترنت أو في مجتمعاتهم. يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام، تويتر، تيك توك، ويوتيوب، للتواصل مع متابعيهم، حيث يقدمون محتوى يتعلق بمجالات متعددة مثل الأزياء، التكنولوجيا، الرياضة، الجمال، أو السفر.
من أين أتى المؤثرون؟
تعود ظاهرة المؤثرين إلى الطبيعة البشرية التي تميل إلى الاقتداء والتقليد، حيث يمكن أن يكون التأثير إما للخير أو للشر. فالمؤثرون هم من يلعبون دور الدعاة أو المرشدين، سواء كان هدفهم نشر الفضيلة والإرشاد إلى الخير، أو الترويج لأفكار سلبية. الدعاة إلى الخير يستخدمون نفوذهم لتوجيه الناس نحو القيم الإيجابية، وتحذيرهم من الشر، ومن خلال ذلك ينشرون رسالة إيجابية تعزز الفضيلة وتدفع المجتمع نحو التحسن.
على الجانب الآخر، هناك مؤثرون يسعون لنشر التضليل أو الترويج لمعلومات خاطئة وأفكار سلبية، مستغلين منصات التواصل الاجتماعي للوصول إلى جمهور واسع. هذه الظاهرة ليست بعيدة عن التسويق والترويج، حيث يقوم المؤثرون بإنتاج محتوى يجذب انتباه الجمهور، سواء كان بهدف إيجابي أو سلبي. ومن هنا ظهر الفرق بين المؤثرين الذين يسعون إلى نشر الخير والمعرفة، وبين أولئك الذين يروجون لأفكار ضارة تؤثر سلباً على المجتمع.
التسويق بالمؤثرين
هذا المدخل يقودنا نحو “التسويق بالمؤثرين“، والذي يعني نهج للتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعتمد على التأييد وذكر المنتجات وتأييد العلامات التجارية من قبل المؤثرين.
أهم سمات المؤثرين بالتسويق
- قاعدة جماهيرية واسعة: يتمتع المؤثرون بعدد كبير من المتابعين الذين يتفاعلون بشكل مستمر مع محتواهم.
- التأثير القوي: يمتلك المؤثرون القدرة على تشكيل آراء وسلوك متابعيهم، سواء من خلال تقديم توصيات عن منتجات أو مشاركة تجارب حياتية.
- التفاعل المستمر: يتواصلون مع جمهورهم بشكل منتظم، مما يخلق رابطاً وثيقاً وثقة بينهم وبين المتابعين.
ولكن ما علاقة “المؤثرون” بالتسويق للمنتجات والعلامات التجارية؟
دعنا نكون على يقين بأن هؤلاء الأفراد لديهم عدد كبير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، وهؤلاء المتابعون وضعوا ثقة كبيرة فيهم، حتى صاروا يعتبرونهم ذوي خبرة في مجالات مختلفة لا سيَّما المنتجات التي يدعون إليها. فطبيعة المؤثِّر أنّه يستعرض بتجاربه المختلفة، بشكل مثير، أي أنَّ لديه صفة الحكّاء والرحَّالة، وإن لم يكن كذلك، إلَّا أنَّ من سمات بعضهم موهبة التقديم، وقد يستغل ما لديه من هذه الملكات والخبرات العلمية التي يتلقاها في جامعة ما، في إقناع المتأثِّرين به بطرق شتَّى.
يعمل “التسويق بالمؤثرين” بسبب الثقة العالية التي بناها المؤثرون مع متابعيهم على مر الزمن. توصيات هؤلاء المؤثرين – وهم كُثر – تعتبر شكلًا من أشكال الإثبات الاجتماعي للعملاء المحتملين. فوجود شبكة من المؤثرين يمكن أن تقوم بدور مهم في بناء شبكة تسويقية لا بأس بها، خاصةً وأنَّ أدواته متوفِّرة في جهاز حاسوب وهاتف ذكي أو كاميرا متاحة، فكما كان دوره في مجتمع المعرفة وتدفق المعلومات، يمكن جدًّا ببعض المصادر المتاحة حول التسويق أنت يشكل مسار لا يخلو من الترويج، الذي يرتفع بعلامة تجارية لأرقام خيالية، ويهبط بمنتج آخر حدّ الخسارة.
فوائد التسويق عبر المؤثرين
- تعزيز ثقة العملاء بالعلامة التجارية
تعتبر ثقة العملاء بالمؤثرين من العوامل الأساسية التي تجعل العلامات التجارية تعتمد عليهم في ترويج منتجاتها. هذه الثقة تعزز من تأثير آراء المؤثرين على قرارات الشراء لدى متابعيهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للتفاعل مع المنتجات.
- العائد الاستثماري
من أبرز مزايا التسويق عبر المؤثرين هو العائد الاستثماري المرتفع الذي يمكن تحقيقه، حيث تشير الدراسات إلى إمكانية استعادة النفقات وزيادة الأرباح. لتحقيق ذلك، يجب اختيار المؤثرين الذين يتناسبون مع هوية العلامة التجارية لضمان نتائج إيجابية.
- الوصول للعملاء المهتمين
يتيح التعاون مع مؤثرين مختصين في مجال معين الوصول إلى جمهور مستهدف مهتم بمنتجات العلامة التجارية. هذا يضمن أن المنتج أو الخدمة المقدمة تتناسب مع احتياجات الجمهور، مما يزيد من فرص اتخاذ قرار الشراء.
- زيادة الوعي بالعلامة التجارية
التعاون مع مؤثرين يمتلكون قاعدة جماهيرية واسعة يعزز من انتشار العلامة التجارية بشكل كبير. حتى وإن لم يقم الجميع بالشراء، فإن الوعي بالعلامة التجارية يزداد، مما يساهم في زيادة عدد العملاء المحتملين.
عيوب التسويق عبر المؤثرين
- اختيار المؤثرين غير الملائمين
إحدى التحديات الرئيسية في التسويق عبر المؤثرين هي اختيار المؤثرين الذين لا يتناسبون مع هوية العلامة التجارية. إذا لم يكن لديهم الاحترافية المطلوبة، فقد يؤدي ذلك إلى تأثير سلبي على صورة العلامة التجارية.
- صعوبة قياس النجاح
اختيار مؤثرين خارج نطاق اختصاص العلامة التجارية قد يؤدي إلى تقليل فعالية الحملة التسويقية. لذلك، من الضروري تحديد الأهداف بوضوح قبل إطلاق الحملة لضمان سهولة قياس النجاح في المستقبل.Top of FormBottom of Form
كيف استغل أصحاب الاستثمار المؤثرين؟
هنا مال أصحاب المال والاستثمارات نحو استغلال المنصات الاجتماعية، بعدما وجدوها أقل تكلفة وأيسر مجهودًا في تحقيق أرباح تسويقية عالية، وبما أنَّ “المؤثِّر Influencer” يسعى من خلال عمله إلى كسب المال، فتصبح هنا المصلحة متبادلة، فبحسب كتاب ” Digital Marketing Strategies for Value Co-creation, Models and Approaches for Online Brand Communities “، والمنشور على منصة “Springer Science+Business Media”، والذي استعرض بعض النماذج التاسويقية، أكَّد بأنَّه أدت شعبية مواقع التواصل الاجتماعي إلى تحول كبير في استثمارات الشركات، حيث تخلت العديد من الشركات عن الاستثمارات الكبيرة في وسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون والراديو واللوحات الإعلانية لصالح المنصات الاجتماعية والمؤثِّرين، الذين باتوا يمارسون هذا الدور وبقوَّة.
ولكي لا تكون المعلومات على سبيل السرد، فبحسب ما أفادت به وكالة Linqia التسويقية في عام 2019 أن 86% من مسوقي العلامات التجارية استخدموا التسويق عبر المؤثرين في حملاتهم الإعلانية، و92% منهم وجدوا أنه فعال. وأشارت وكالة. في ذات العام بدأ حجم الاستثمار التسويقي في طريقه نحو الزيادة، من خلال المؤثرين عالميًا إلى 148 مليون دولار، وصار بعدها من المتوقع أن يتجاوز 373 مليون دولار بحلول عام 2027.
ماذا عن الجمهور والعلامة التجارية؟
من البدهي جدًّا أنَّ الجماهير النوعية، تسعى نحو مصادر أكثر شعبية ومصداقية، في الحصول على معلومات حول العلامات التجارية المفضَّلة، لا سيَّما وأنَّ التسويق الرقمي “كمجال متخصص”، يواجه التحدِّيات فيما يخص المنافسة التسويقية، ومعايير أخرى مثل الشفافية، إضافة لضرورة مواكبة الحياة الرقمية، الأمر الذي لايكِّف المؤثر Influencer، هذا الجهد الذي هو بصدد التعامل معه، حيث تبقى الرقمية بيئته في نهاية الأمر.
وختامًا، هناك آراء عدد من المؤثرين، يختلف نهجًا إلَّا أنَّه يتفق في هدف تحقيق صورة جيدة عن العلامة التجارية، فهم يسعون قبل أي شيء إلى تحقيق رغبات جمهورهم بالتفاعل معم بشتَّى الطرق والأساليب التي تروق عملاؤهم، وبالتالي الفائدة المالية ليست هدفًا في حد ذاتها، بل السعي إلى كسب رضا مستخدمي هذه الشبكات هو ما يأتي في المقام الأول، وعليه يبقى أمام الجمهور اختيار المؤثرين المناسبين لتعزيز مصداقية العلامات التجارية، وكذلك يمكن لأصحاب المنتجات استغلال هذا بشكل جيِّد.