تظل السمعة حالةواجب الحفاظ عليها، ولا يصح فقدانها أو اتنازل عنها، إذ هي محور ورأسمال الشركات والمؤسسات، داخل المجال أو السوق الذي تعمل به. فكما قال القدماء السمعة ذلك الشي الذي حال ضياعه لا يمُكن استرجاعه، وأَّن بناء السمعة يستغرق 20 عامًا، وخمس دقائق فقط لتحطيمها، وبالتالي الحفاظ عليه استراتيجية دائمة، وخطوات مستمرة، تشمل تحسين الصورة الذهنية وتطوير الخدمة.
الآن، مع تطوُّر الوضع التقني، وسرعة انتشار المعلومة، صار فقدان السمعة أسرع مما يتخيَّل البعض، لا سيَّما وأنَّ صاحب العلامة التجارية والعميل في بوتقة واحدة محدود ومحكومة بعوامل العولمة وتأثيرات الحداثة. لكن على النقيض تبدو هناك عقلية متفهِّمة لحقيقة الأزمات الاتصالية التي تمثِّل نقطة هبوط أو صعود، وبالتالي يأتي دور استراتيجيات استعادة السمعة أو إعادة بنائها، وبالتالي تجديد الثقة التي قد تكون تبدَّدت بسبب أخطاء غير عمدية أو دون عي، في سوق تتجدد طموحاته وأولوياته، ولا يعتمد فقط على السقطة الأولى.
الصورة الذهنية والسمعة
الصورة الذهنية هي تصور قصير المدى للمنظمة، تتكون من المعلومات والتجارب والمعارف التي يحصل عليها الأفراد من مصادر خارجية. بالمقابل، السمعة تعكس الانطباع الاجتماعي طويل المدى، وهي الرأي السائد حول العلامة التجارية وإدارتها. يخلط العديد من المتخصصين بين السمعة والصورة، لكن السمعة تتسم بالاستمرارية في التأثير، فلغةً ما يُسْمَعُ به من صيتٍ أَو ذِكْرٍ حسن أَو سَيِّئ. ويقال: فَعلَ ذلك رِياءً وسَمْعَةً، بينما الصورة يمكن أن تتأثر بشكل أسرع بالعوامل الخارجية.
ولكن ما الفرق بين إدارة السمعة وإعادة بناءها
تختلف إدارة السمعة “Reputation Management” عن استعادتها “Reputation Rebuilding”، إذ أنها عملية معقدة تشمل جميع الإجراءات والوظائف التي تؤثر بشكل مباشر على سمعة المؤسسة. تعتمد هذه العملية على استراتيجيات جماعية تهدف إلى تحديد التفاعل بين المنظمة والفئات المستهدفة. بينما إعادة بناء السمعة تعني تجديد وتحسين انطباعات الجمهور حول العلامة التجارية أو المنظمة بعد تعرضها لتحديات أو أزمات. يتطلب هذا الأمر استراتيجيات فعالة لتعزيز الثقة والشفافية، ويشمل التواصل الإيجابي، وإظهار التزام حقيقي بتحسين الأداء. الهدف هو تغيير التصورات السلبية إلى إيجابية من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة تدعم الرسالة الجديدة.
فهم الأزمة.. فهم إعادة بناء السمعة
يُشترط للتعامل مع فُقدان السُمعة، فهم الأزمة جيدًا، والتعاطي مع ما تفرضه من ظروف وضغوط، وألَّا كون الانهيار السبيل الوحيدة، بل التعرُّف على طبيعتها؛ لاتخاذ القرار المناسب بشأنها، فلا يُساء الفهم ولا يخدُث الخلط بين اهتزاز الصورة الذهنية أو فُقدان السُمعة. ومن ثَمَّ تكون الاستجاة السريعة نحو واقع الأزمة، والتعامل معها بثبات، دون تردد. من ثمَّ لابد من النظر إلى خضائص السمعة لتفهُّم بعض النقاط التي تنبئ بانفراجة، على عكس ما يُمكن تصوُّره:
- تكوين الانطباعات: السمعة هي انطباعات ذهنية تشكّل اتجاهات الأفراد تجاه الجهة أو العلامة التجارية.
- ديناميكية السمعة: السمعة تتفاعل باستمرار مع المتغيرات الذاتية للأفراد، بالإضافة إلى تفاعلها مع التغيرات المجتمعية.
- التقييم العقلي: تمثل السمعة تقييمًا ذهنيًا لكل ما يرتبط بالمؤسسة، بما في ذلك صورة أفرادها.
- بناء مخطط: السمعة تعتمد على بناء مُخطط له ويعتمد على برامج موثوقة.
- قابلية القياس: يمكن قياس السمعة وتقويمها باستخدام أساليب حديثة تأخذ في اعتبارها المتغيرات الإيجابية والسلبية.
من هنا نفهم
يمكن فهم خصائص السُمعة – سمعة العلامة التجارية – وعليه يمكن اتخاذ استراتيجيات التعامل مع إعادة بناءها مرَّة أخُرى، بإداة تكوين الانطباع، والتعامل مع تقييمها برفع معدلها الإيجابي والتقليل من الذكرى السيئة لدى الجمهور عنها. من ثمَّ الشروع في بناء مخطط جديد من أجل إعادة تقديم المؤسسة شعارها من جديد لدى الجمهور.
- الرد على التعليقات السلبية: يجب الرد بسرعة واحترافية على التعليقات السلبية لإظهار الاهتمام بالعملاء.
- مراقبة السمعة على الإنترنت: استخدام أدوات مثل Google Alerts لمتابعة ما يقوله الآخرون عن المؤسسة وعلامتها التجارية.
- إنشاء محتوى إيجابي: بكتابة منشورات إيجابية ومشاركتها لتخفيف أي معلومات سلبية، وعدم الاندفاع في الرد، وأن يبقى صاحب العمل أو المؤسسة في جانب هادئ، لكي لا تتكوَّن بصدده تفسيرات خاطئة.
- التفاعل مع جمهور المؤسسة: بناء علاقات مع العملاء من خلال الرد على تعليقاتهم وشكرهم على دعمهم.
- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: بتسويق العلامة التجارية بشكل إيجابي على منصات التواصل الاجتماعي.
- الحصول على مساعدة: في حالة الأضرار الكبيرة، فالاستعانة بخبراء لإعادة بناء سمعة العلامة التجارية، يخدم المؤسسة، وهناك يحترف هذا المجال.
- تقديم خدمة عملاء ممتازة: يُعزز رضا العملاء السمعة الجيدة ويُقلل من التعليقات السلبية.
- إعادة بناء الثقة مع إصلاح السمعة: يتطلب استعادة السمعة اتباع نهج استراتيجي، ويشمل خطوات متعددة لضمان تحسين الصورة العامة للعلامة التجارية.
- الشروع في مجال المسؤولية الاجتماعية: إنَّ ممارسة أنشطة تعود بالنفع، هذا يحسِّن من المؤسسة ويعيد تقديمها بصورة جديدة، بحسب دراسة حول استعادة السمعة بعنوان ” The relationship between reputation, employer branding and corporate social responsibility” والمنشورة في دوية Public Relations Review ، عام 2018.
وأخيرًا، يمكن النظر نحو فرصة أنَّ الجمهور ينسى ويقبل جودة المنتجات والسلع، لطالما تتجدد النوايا ويحسُن الأداء، فالسُمعة التي تقبل الضرر، يمكنها التعافي والعودة بحال أفضل، مع اتباع استراتيجيات سليمة تطوِّر من صورة العلامة التجارية، وتتفادى أخطاء الماضي.