المشاهدة.. فعلٌ تطوَّر بتطوُّر الوسيلة والرسالة “المحتوى”، ومعه تغيَّرت طبيعة المتابعة، وأصبح المحتوى المرئي شكلاً وموضوعًا وجمهورًا “محل اهتمام”، فالبيئة الرقمية صعدت به نحو درجة من الأُلفة مع الجمهور جعلته، في إطار يعمُّه الانسجام حتَّى صار ممزوجًا بقدرات تفاعلية أزالت الحدود بين المادة والمشاهد.
ماذا تعني المشاهدة؟
المشاهدة هي ما يحكم فيه بالحس، سواء كان من الحواس الظاهرة أو الباطنة، أو الإدرك بإحدى الحواس، فهي تعني التوجُّه بالإبصار نحو هدف مُحدَّد أو مشهد معيَّن؛ من أجل معرفة تفاصيله.
ومشاهدة المحتوى الإعلامي، تعني مشاهدة المحتوى على وسيلة سمعية بصرية، تمتلك قدرات إيصال المشهد بالصوت والصورة، وتطوَّر هذا المصطلح فصار متابعة، لا سيَّما بعد ظهور وانتشار مواقع الفيديو والمنصَّات الإعلامية، والتي صار المحتوى المرئي عليها تفاعليًا، مندمجًا في عالم من الرقمية.
سمة التفاعلية
التفاعلية “Interactivity” تُعد من أبرز السمات التي تميز شبكة الإنترنت بشكل خاص، كما تظهر هذه السمة في العديد من أنماط الاتصال عبر الإنترنت، حيث تتيح للقارئ أو المتصفح أو المشاهد فرصة التفاعل مع الكاتب أو صاحب الفيديو أو البث بإرسال رسائل مباشرة إليه. هذا النوع من التفاعل يعزز رجع الصدى الفوري والمباشر، وهو أحد العناصر الأساسية في العملية الاتصالية، والذي صار متطوِّرًا للغاية، ومعه تطوَّر مدخل اندماج وسائل الإعلام.
تطوُّر اندماج وسائل الإعلام
يشير مفهوم اندماج وسائل الإعلام (Convergence Media) إلى التكامل بين الوسائل الإعلامية التقليدية والرقمية، مما أدى إلى تغييرات كبيرة في صناعة الإعلام بفضل التطورات التكنولوجية المتلاحقة. ساهم هذا الاندماج في تحسين العمليات الإنتاجية والتوزيع الإعلامي وتعزيز التواصل بين المنتجين والمستهلكين، مما أثر بشكل إيجابي على اقتصاديات المؤسسات الإعلامية. ومع التطورات الرقمية، أتاح اندماج وسائل الإعلام فرصًا كبيرة للشركات والدول للاستفادة من البيئات الإعلامية الحديثة، مما يعكس تحولًا هامًا في طريقة عمل وسائل الإعلام وتفاعلها مع المجتمع.
فهم التفاعلية في المحتوى الإعلامي
المحتوى التفاعلي هو نوع من المحتوى الرقمي الذي يشرك المستخدمين بشكل نشط من خلال السماح لهم بالمشاركة في تجربة المحتوى بدلاً من استهلاك المعلومات بشكل سلبي. على عكس المحتوى الثابت التقليدي الذي يُستهلك بطريقة خطية (مثل قراءة مقال أو مشاهدة فيديو)، يتطلب المحتوى التفاعلي من المستخدم اتخاذ نوع من الإجراءات للتفاعل معه.
ومع التطوُّر السالف تطوَّرت عناصر البيئة الإعلامية الرقمية “عناصر اندماج وسائل الإعلام”
- التكنولوجيا/ الوسيلة
أحدثت خدمات المشاهدة حسب الطلب ثورة في طريقة استهلاك المحتوى، حيث توفر للمشاهدين حرية اختيار ما يرغبون في مشاهدته في أي وقت ومن أي مكان. هذه التكنولوجيا تتيح الوصول إلى مكتبات ضخمة من الأفلام والمسلسلات بمرونة تتناسب مع أنماط حياة الأفراد الحديثة، مثل “المنصَّات الرقمية”.
- الصناعة/ عمليات الإنتاج والتوزيع
تختلف عملية إنتاج المضمو داخل البيئة الرقمية بشكل كبير عن الإنتاج التلفزيوني التقليدي، حيث تركز على الجودة الفنية العالية والقصص المعقدة التي تستهدف جمهورًا عالميًا. هذا التحول يتيح للمبدعين مزيدًا من الحرية الإبداعية ويقلل من القيود الزمنية المتعلقة ببث الحلقات.
- الجمهور (خصائص الجمهور المستهلك لهذه الخدمات وتغير أذواقه ورغباته)
الجمهور الذي يستهلك المحتوى عبر البيئة الرقمية على الإنترنت أصبح أكثر انتقائية وتنوعًا في تفضيلاته، حيث يفضل المحتويات التي تناسب ذوقه الشخصي ويبحث عن قصص مبتكرة وغير تقليدية. تتيح هذه الخدمات للمشاهدين التحكم الكامل في تجربتهم الترفيهية، مما يعكس تحولًا في سلوكهم واستهلاكهم، وكذلك حرية قبول او رفض المشاهدة.
- المضمون يتسم المحتوى المعروض على المنصات الرقمية بالتنوع الكبير في النوعية والموضوعات، حيث تُعرض مسلسلات تتناول قضايا اجتماعية وسياسية وثقافية – مثَلاً- بشكل جريء وحر. كما تختلف أشكال العرض بين المسلسلات القصيرة والطويلة، مما يسمح بتقديم قصص معقدة وجذابة تلبي رغبات جمهور عالمي واسع.
أشكال التفاعل مع عناصر المحتوى الإعلامي “المرئي”
يمكن أن تتخذ هذه التفاعلات أشكالاً متعددة، مثل النقرات، أو التمرير، أو إدخال المعلومات، أو غيرها من التفاعلات التي يقودها المستخدم.
- المشاهدة: اختلف هذا المصطلح بشكل كبير فلم يعُد مقيَّدًا بموعد عرض أو طبيعة للبث “مباشر مثلاً”، كما أنَّ عدد القراءات والمشاهدات للمحتوى على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والمنصَّات المختلفة قديرة على أنْ تُكسِب المضمون – الذي تمَّ عرضُه – شُهرة واسعة.
- النقرات: بيد المشاهد أن يستخدم نقرات معينة على أي من الناصر المتاحة على الفيديو الفيديو أو المادة المرئية المعروضة، كأن يستحسن المادة التي أعجبته ويضغط على زر الإعجاب “Like”، وربما العكس في بعض المنصَّات التي تتيح اختيار غير مستحسن “Dislike”، حال الرغبة في التعبير عن عدم الإعجاب. هذه النقرة وحدها صارت كفيرة على أن ترفع من شأن المحتوى وتقدُّمِه على منصَّات ومحرِّكات البحث الكُبرى، والصعود به نحو العالمية، فنقرة ستطيع المستخدم بها أن يبدي إعجابه ونقرة أخرى يمكنه بها المشاركة “Share”، وثالثة يمكن بها مسح المحتوى أو استبعاده من قائمته المُفضَّلة.
- التعليق: بات التعليق أو كتابة (Comment)، والذي قد يصل لأن يكون محتوى (Content) أو روابط تفاعلية (Hyperlinks) لموضوعات كاملة، أمرًا يبيح لكتابه أو مشاهد المحتوى أن يعبِّر عن رأيه “وجهة نظره” بدون مجهود، فلا داعٍ للمراسلات، ولا ضرورة لعناء انتظار الردود. إذ أنَّ الطبيعة الثنائية للمحتوى المرئي التفاعلي يكفُل آنية الردَّ، والسرعة في تداول الأمر في زمان قصير، لا يطول دون ضرورة.
- ضغط حجم المحتوى: صار المحتوى مضغوطًا لدرجة أنَّه لا يكلِّف المستخدم أو المشاهد الكثير لإرساله أو تبادله، فحجمه المنضغط وسرعة خدمة الإنرتنت، صارت كفيلة بذلك، كما يمكن تبادل روابط نشر المحتوى المرئي على المنصَّات، في الخاص والعلن – أيضًا – أمرًا غاية في السهولة، فأتاح ميِّزة ا”لفورية”.
نماذج ظهرت مع تطوُّر المحتوى المرئي التفاعلي
Storyly Stories
إشراك المستخدمين قد يكون تحديًا في العصر الحالي، لكن Storyly يحول هذا التحدي إلى فرصة من خلال جلب التنسيق التفاعلي المحبوب من وسائل التواصل الاجتماعي مباشرة إلى التطبيقات والمواقع الإلكترونية، مما يُحدث ثورة في تفاعل العلامات التجارية مع جمهورها. باستخدام Storyly، يمكن إنشاء تجارب غامرة بملء الشاشة تجمع بين الفيديو، الصور، والنصوص، لتقديم قصص مقنعة وسهلة المتابعة. هذا المزيج من الوسائط المتعددة يسمح للعلامات التجارية بالكشف عن المنتجات وتوصيل رسائل مخصصة بطريقة جذابة. بالإضافة إلى ذلك، تعزز العناصر التفاعلية مثل الاستطلاعات، الاختبارات، وأزرار الدعوة إلى الإجراء (CTAs) من تفاعل المستخدمين من خلال تشجيع المشاركة النشطة، مما يجعل تجربة المستخدم أكثر شمولية وتأثيرًا.
الإنفوجرافيك التفاعلي
يعتبر العديد من المسوّقين أن الإنفوجرافيك هو أفضل شكل بصري لجذب الجمهور، متفوقًا على الفيديوهات والعروض التقديمية وتصورات البيانات، فهذا التوجه يعكس الطلب المتزايد على المحتوى التفاعلي والجذاب. يتطلب إنشاء الإنفوجرافيك التفاعلي وقتًا وجهدًا إضافيين، لكنه يقدم نتائج كبيرة، حيث يجذب المزيد من الانتباه ويزيد من المشاركات الاجتماعية، ويعزز مكانة العلامة التجارية كسلطة في مجالها. بالإضافة إلى ذلك، لا يحتاج إنشاء هذا النوع من المحتوى إلى خبرة متخصصة، حيث توفر أدوات مثل Canva تصاميم جذابة بسهولةBottom of Form
الفيديوهات التفاعلية
الفيديوهات التفاعلية تقدم فرصة لتجاوز الحدود وتقديم تجارب غامرة، بان تضع المستخدم في موقع ومجال السيطرة، وهي عادة أداة تسويقية للمضامين، لا يمكن إنكار فعاليتها في جذب الجماهير. تحتفظ الفيديوهات التفاعلية Interactive Videos، بقدرة على الحفاظ على انتباه المشاهدين وتحفيز نشاط المستخدمين بشكل كبير. ومع تقدم التقنيات مثل الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR)، تتوسع إمكانيات إنشاء تجارب فيلمية وفيديو تفاعلية بسرعة. ينبغي على المسوّقين استكشاف هذه الاحتمالات لتعزيز استراتيجيات محتواهم والبقاء في الصدارة.
تجارب الواقع المعزز
الواقع الممتد (XR) هو اتجاه متزايد في التكنولوجيا، يشمل:
الواقع الافتراضي (VR): يرتدي المستخدمون سماعات رأس خاصة للغوص في عوالم افتراضية تمامًا.
الواقع المعزز:(AR) تُضاف الرسوميات إلى العالم الحقيقي، مما يعزز ما يراه المستخدمون.
الواقع المختلط (MR) : يجمع بين VR وAR، مما يوفر تجارب تفاعلية يمكن للمستخدمين التحكم فيها.
كل ما سلف من نماذج وأشكال كانت تجارب مرئية ظهرت مع المحتوى التفاعلي الذي يجذب المشاهدين ويحفِّزه نحو اتخاذ سلوك متفاعل تجاه ما يتم عرضه، داخل واقع اسمه “البيئة الرقمية”، التي باتت تجمع المزايا المتعددة، ولا تتوانى في كل تطور جديد، يزيد من تحسين تجربة مستخدم، أصبح غير سلبي، يقرِّر ويملُك السيطر والاختيار.