Contact information

Theodore Lowe, Ap #867-859 Sit Rd, Azusa New York

We are available 24/ 7. Call Now. (888) 456-2790 (121) 255-53333 example@domain.com

عمر غازي

في عام 1982، كانت شركة “جونسون آند جونسون” على موعد مع أزمة غير مسبوقة هددت وجودها، إثر سبع حالات وفاة في شيكاغو تسببت بها أقراص “تايلينول”، أشهر مسكنات الألم للشركة، بعد أن تم العبث بها وإضافة مادة السيانيد السامة، حيث كانت الصدمة كبيرة وانتشر الخوف بسرعة بين الجمهور، مما وضع الشركة في موقف حرج قد يؤدي إلى انهيار ثقة المستهلكين تمامًا.

رد فعل الشركة كان نموذجًا مثاليًا في إدارة الأزمات الاتصالية، فخلال ساعات قررت سحب أكثر من 31 مليون عبوة من الأسواق رغم أن التكلفة تجاوزت 100 مليون دولار، ولم تكتف الشركة بذلك، بل أطلقت حملة إعلامية ضخمة لتوضيح ما حدث وطمأنة الجمهور، وظهر الرئيس التنفيذي بنفسه في وسائل الإعلام ليؤكد أن سلامة العملاء تأتي قبل أي اعتبارات مادية، وبالفعل، بفضل هذه الاستجابة السريعة والشفافة استعادت الشركة ثقة الجمهور وأصبحت قصتها تدرَّس عالميًا كنموذج لإدارة الأزمات.

الأزمات الاتصالية ليست مجرد أحداث طارئة، إنها اختبارات حقيقية تكشف عن قدرة المؤسسات على التعامل مع الضغوط واتخاذ القرارات الصحيحة، قد يبدو الصمت أحيانًا خيارًا آمنًا، لكنه في الواقع يترك المجال مفتوحًا أمام الشائعات والاتهامات، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2021 أن 80% من الأزمات تفاقمت بسبب التأخر في الاستجابة الاتصالية أو غياب الشفافية.

الاستعداد المسبق هو أولى خطوات النجاح في إدارة الأزمات، فالمؤسسات الناجحة تُدرك أن الأزمة ليست مسألة “هل” ستحدث، بل “متى” ستحدث، لذلك تضع سيناريوهات محتملة وخططًا واضحة تشمل تحديد المتحدث الرسمي وتوحيد الرسائل الموجهة للجمهور، السرعة عامل حاسم هنا، فالاستجابة خلال الساعات الأولى من الأزمة تُقلل من الأضرار وتُظهر قوة المؤسسة.

الشفافية تأتي كركيزة ثانية، فالجمهور اليوم أكثر وعيًا ومحاولات إخفاء الحقائق تُفاقم الأزمة بدلًا من احتوائها، الصدق في التواصل مع الاعتراف بالخطأ إن وُجد يُبني جسور الثقة مع الجمهور ويُعزز مصداقية المؤسسة على المدى الطويل.

الاستراتيجية الثالثة هي استخدام المنصات المناسبة للتواصل، الأزمات تتطلب رسائل موجهة بدقة إلى جميع الأطراف المعنية: الجمهور، والموظفين، والشركاء، فوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت سلاحًا ذا حدين، حيث يمكنها احتواء الأزمة إذا استُخدمت بذكاء، لكن تجاهلها يُحول الشائعات إلى حقائق في أذهان الناس.

التعاطف جزء أساسي من الاستجابة، فالجمهور يحتاج أن يشعر أن المؤسسة تُقدّر مشاعره وتضع سلامته أولًا، فعلى سبيل المثال في أزمة “جونسون آند جونسون”، كان قرار سحب المنتجات بالكامل لم يكن مجرد إجراء تصحيحي، بل رسالة واضحة بأن الشركة تُعلي مصلحة المستهلك على أي اعتبارات أخرى.

الأزمات ستظل جزءًا من حياة المؤسسات والأفراد، لكن الفارق الحقيقي هو في كيفية إدارتها، والتاريخ يثبت أن الأزمات، إذا أُحسن التعامل معها قد تتحول إلى فرص تعزز مكانة المؤسسة بدلًا من أن تهدمها.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *